← رجوع تم النشر في

ذا إيكونوميست: هل استخدام أوروبا لـ "سلاح النفط" يُنذر بقفزة جديدة في الأسعار؟

ترجمة: إبراهيم مأمون

في سبعينيات القرن الماضي، استخدمت الدول العربية "سلاح النفط" لوقف دعم الغرب لإسرائيل، وهو ما تسبَّب في ارتفاع النفط بشكل كبير حتى عام 1986، فهل يُكرر اتفاق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المبدئي حيال استخدام نفس السلاح ضد روسيا في حدوث قفزة هائلة في أسعار النفط؟

واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على خفض واردات النفط من الخام الروسي والمنتجات البترولية المكررة بنسبة 90% بحلول نهاية 2022، إضافة إلى فصل بنك "سبيربنك"، أكبر مصرف في روسيا، عن نظام "سويفت" العالمي.

وبحسب تقرير نشرته مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، فإن القرار الذي اتخذته الدول الأعضاء هو مهم للغاية، فهو يكشف وحدة التكتل الأوروبي ومدى استعداد التكتل لتحمل الأثر الاقتصادي لمعاقبة روسيا في الوقت الذي تستعد الدول لقطع أحد أكثر مصادر روسيا ربحًا من أرباح العملات الأجنبية، فالسوق الأوروبي هو أكبر سوق للخام الروسي، حيث يشتري حوالي نصف صادرات موسكو من النفط.

وتتشكك "ذا إيكونوميست" في قدرة هذه الخطوة الأوروبية في حرم الكرملين من الكثير من العملات الأجنبية، فهذا الحظر لا يسري إلا على واردات النفط المنقولة بحرًا أو المنقولة عبر الناقلات، فيما يستثني النفط المنقول عبر خطوط الأنابيب إلى حين التوصل إلى حل وسط مع المجر التي تتعاطف مع روسيا أكثر من معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتعتمد بشكل كبير على خط أنابيب "دروزبا" الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية (والذي يُترجم اسمه بالروسية إلى "الصداقة").

وتستورد المجر نحو 65% من وارداتها من الخام من روسيا.

ومن المرجح أن يتسبب الحظر في حدوث تأثير محدود على سوق النفط، حيث تخضع العديد من ناقلات النفط بالفعلل لما يُسمى بالعقوبات الذاتية في العديد من أجزاء المعسكر الغربي في أوروبا نظرًا لرفض عمال الموانئ تفريغ السفن التي تحمل شحنات روسية، وتخوف شركات النفط العملاقة من تضرر سمعتها في حال قبولها شحنات روسية.

وطرحت "ذا إيكونوميست" سؤالًا وصفته بأنه الأكثر أهمية، فبالرغم من زيادة صادرات النفط الروسية منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية وحتى مع تعرض موسكو لعقوبات دولية، فهل يتسبب حظر النفط الخام الروسي المنقول بحرًا بمجرد فرض عقوبات عليه في عدم إمكانية بيعه في الأسواق الدولية؟

هل تستطيع دول أوروبا في نهاية المطاف حظر النفط الروسي عبر الأنابيب؟

رُغم إعلان "بولندا" و"ألمانيا" أنهما سيوقفان وارداتهما عبر خط "دروزبا"، ترى "ذا إيكونوميست" أنه سيكون من الصعب تخيل وقف المجر معارضتها لفرض الاتحاد الأوروبي حظرًا أوسع نطاقًا على صادرات النفط الروسية، وذلك بعد أن أظهر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان استعداده لعرقلة أي قرارات من التكتل سابقًا بفضل الخصم الضخم الذي يحظى به على الخام الروسي.

وبالرغم من أن الحظر قد يكون جزئيًا إلا إن الانخفاض العالمي في إمدادات النفط يتزايد، فيما يتزايد الطلب على الوقود مع انحسار الوباء وبدء المستهلكين في زيادة استخدام وقود السيارات وعودة حركة الطيران من جديد، وفي الوقت الذي تتخذ فيه الحكومات خطوات لحماية مستهلكيها من تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة، كما تسبب تخفيف الصين من قيودها المفروضة في زيادة تعطش الأسواق للنفط وكذلك ارتفاع أسعار المعادن الصناعية، بما في ذلك خام الحديد والنحاس.

وتُظهر منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها من خارج المنظمة، ومن بينهم روسيا، مؤشرات ضعيفة على احتمالية زيادة إنتاجهم حتى الآن؛ حيث من المتوقع أن لا تُعلن المجموعة عن أي تغييرات في خططها لزيادة الإمدادات تدريجيًا إلى مستويات ما قبل الجائحة في اجتماعها المرتقب غدًا الخميس.

وتسببت عمليات الحظر العربية في السبعينيات في معاناة الغرب على المدى القصير، لكنها أسهمت في النهاية أيضًا في الدفع نحو زيادة كفاءة الوقود وأسهمت بالتالي في تقليل الاعتماد على النفط، فهل تأمل الحكومات الأوروبية في اليوم الحالي في أن يُسهم الألم قصير المدى على المستهلكين في تحقيق مكاسب طويلة المدى لصالح تأمين مصادر الطاقة عالميًا؟