← رجوع

سياسة التحفيز النقدي تُهدد "صناديق استثمار" بقيمة 20 مليار دولار

ترجمة: إبراهيم مأمون

شهدت صناديق المؤشرات المتداولة لسندات الشركات ذات السعر العائم في جميع أنحاء العالم انخفاضًا في حجم أصولها بمقدار النصف تقريبًا منذ بداية عام 2020 لتصل إلى 20 مليار دولار، وفقاً لبيانات وكالة "بلومبرج" الإخبارية، فيما نما حجم الائتمان لصناديق الاستثمار بشكل عام بنسبة 19% خلال نفس الفترة الزمنية.

وأوضح تقرير أوردته وكالة بلومبرج على موقعها الإلكتروني أن سياسات التحفيز النقدية المتتالية التي تنتهجها الدول من أجل كبح جماح الضغوط الانكماشية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" بدأت في خلق أزمة لاستراتيجية الاستثمار في السندات الدفاعية على جانبي المُحيط الأطلسي (في الولايات المتحدة وأوروبا).

وأضافت أنه في الوقت الذي تُهدد فيه جائحة "كوفيد-19" بانهيار الطلب على السندات الإذنية ذات سعر الفائدة العائم، وهي السندات التي تُجنب الاقتصاد رفع سعر الفائدة، يُعاني عالم صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة من احتمالية تكبد مليارات الدولارات من الخسائر بسبب اعتماد الدول على السياسات التحفيزية لتجنب التداعيات الناجمة عن الجائحة.

وبالرُغم من أن الأوراق المالية ذات السعر العائم كانت تُمثل ركنًا أساسيًا من أركان تمويل الشركات منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن مصدّري السندات بدأوا يتخلون عن الاستثمار بها لصالح التمويل الرخيص ذي العائد الثابت.

أضف إلى ذلك أن الظروف الانتقالية المُعقدة التي يشهدها العالم – بعيدًا عن تغيير سعر الفائدة المعمول به فيما بين مصارف لندن – زادت من إحجام الشركات عن إصدار الأوراق المالية ذات سعر الفائدة العائم، نظرًا لأن التفاصيل الفنية التي تُشكل أساسًا لمعيار الاستبدال لا تزال بحاجة إلى التأكد منها.

وخلال شهر نوفمبر الجاري فقط، اضطُرّت شركة ليكسور العالمية لإدارة الأصول إلى تصفية صندوق مؤشرات متداول في البورصة بسبب التدفقات الخارجة، وبشكل عام، فقد تقلص إجمالي أصول "ليكسور" في الورقة المالية ذات سعر الفائدة العائم لـ"صناديق الاستثمار الجماعي في الأوراق المالية القابلة للتحويل" من 500 مليون دولار تقريبًا قبل عامين إلى 104 ملايين دولار في وقتنا الحالي.

ورفضت متحدثة باسم شركة "ليكسور" التعقيب على هذه الأنباء.

ومن جانبه، فقد قال ديفيد شناوتز، المحلل المالي لدى شركة تابولا لإدارة الاستثمار المُزودة لخدمات الاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة، "لم يعد المُتعاملون ينجذبون إلى هذه الفئة من الأصول بعد الآن ... فإذا كانت فوائدها ثابتة ولا تتزايد، فلماذا عليهم أن يهتموا بها؟"

وفي ظل قرب مواعيد استحقاق الأوراق المالية، ينخفض حجم المؤشرات، ما يجعل من الصعب على صناديق المؤشرات المتداولة ذات السعر العائم تعقبها، ليُصدر بالتالي إشارات تحذيرية سريعة إلى الصناديق التي تخضع لصناديق الاستثمار الجماعي في الأوراق المالية القابلة للتحويل، وهو إطار استثماري شائع الاستخدام.

وخلال شهر يوليو الماضي، قلصت مؤشرات "بلومبرج باركليز" اثنين من القواعد الرقابية الخاصة بسندات الشركات ذات السعر العائم بهدف زيادة حجم السندات.

وأخبرت شركة "إنفيسكو لميتد"، التي تُدير صناديق المؤشرات المتداولة المُرتبطة بهذه المؤشرات، المستثمرين أن هذه التغييرات جنبتهم انتهاك متطلبات التنويع الخاصة بصناديق الاستثمار الجماعي في الأوراق المالية القابلة للتحويل.

أزمة العرض

وأوضح المقال أن تلك التعديلات لم تُقدم حلًا مُصححًا لأزمة العرض، فقد اضطرت مؤسسة "إي إتش إس ماركت ليمتد" للأبحاث الاقتصادية خلال شهر نوفمبر الجاري أيضًا إلى تقليص القواعد الرقابية للمرة الثانية في مؤشر شركات استثمار في الأوراق المالية ذات السعر العائم المقومة باليورو، بعد أن أثبتت التغييرات في شهر مايو الماضي أنها غير كافية لزيادة عدد السندات الإذنية في المؤشر.

وبالرُغم من كل تلك الخطوات، إلا أن هذه المشكلة تُعد أزمة أساسية لمديري صناديق المؤشرات المتداولة.

وأوضحت "بلومبرج" أن صناديق السوق النقدي التي عادة ما تستحوذ على الأوراق المالية ذات السعر العائم بإمكانها البحث خارج السوق الأولية عن الأصول الأخرى القابلة للاستثمار.

وقال بنجامين تيرو، مدير تحليل أداء الأوراق المالية في "دويتشه بنك" في مناطق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، "القطاع يتقلص، لكن ذلك لا يعني بلوغنا مرحلة انخفاض العرض في السوق الثانوية".

ومن جانبه، علق شانواز بهيمجي، الخبير الاستراتيجي في نمط الدخل الثابت لدى "إيه بي إن إمرو بنك" على انخفاض الاستثمار في القطاع بقوله "أصبح توقع العودة قريبًا لهذا النمط من الاستثمار محدود للغاية".

واختتم التقرير بالقول إنه في ظل تمسُّك البنوك المركزية بشدة بانتهاج سياسات التحفيز النقدية، وفي ظلّ تزايد التوقعات بأن يُعزّز البنك المركزي الأوروبي برامج التحفيز النقدي في شهر ديسمبر المُقبل، فبالتأكيد سيطول الأمد قبل أن يشهد هذا النمط من الاستثمار تعافيًا.