← رجوع

اليونسكو: كيف نتعامل مع عقبات التعلم عن بعد؟

ترجمة: إبراهيم مأمون

نشرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تقريرًا توضح خلاله مدى فعالية تطبيق حلول التعلم عن بعد خلال الشهر الماضي في أغلب دول العالم في الوصول إلى أكثر من 1.5 مليار طالب مُتضررين من قرارات إغلاق المؤسسات التعليمية.

وأوضح السيد بورهين شاكرون، مدير قسم السياسات ونظم التعلم مدى الحياة في اليونسكو، أن فعالية حلول التعليم عن بعد ترتبط بشكل رئيسي بأربعة مستويات من الجاهزية، وهم الاستعداد التقني، وجاهزية المحتوى، والتهيئة التربوية، والرقابة والتقييم.

ويُسهم توافر هذه الأبعاد الأربعة في إمكانية توفير حلول التعلم عن بعد إلى الطلاب، حيث ينبغي توافر محتوى إلكتروني يتماشى مع المنهج المدرسي، وكذلك الجاهزية التربوية لكل من المعلمين والآباء ومقدمي الرعاية، إضافة إلى تتبع مدى تقدم مستوى الطلاب، ومن المُرجح أن يؤثر غياب أحد هذه المستويات في استمرارية عملية التعلم.

مراحل تطبيق حلول التعليم عن بعد

وأوضح فنغشون مياو، رئيس وحدة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم باليونسكو، أن هناك ثلاث مراحل رئيسية تُوضح كيفية الاستجابة لقرارات إغلاق المدارس، المرحلة الأولى هي الاستجابة الفورية لتحديد أفضل مزيج من التقنيات المتاحة لضمان استمرارية العملية التعليمية، مع توفير تركيز إضافي على الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب.

وتتضمن المرحلة الثانية الاستقرار على روتين يومي جديد خلال فترة العزل الصحي، والذي تتصدره عملية التعلم عن بعد والمشاركة في أنشطة خارج المنهج، في حين يتحول التركيز في المرحلة الأخيرة على إعادة فتح المدارس، مع الاهتمام بجعل أنظمة التعليم أكثر مرونة وانفتاحًا في المستقبل من خلال دعم بعض نماذج التعليم التي تستخدم التكنولوجيا، والتي اخُتبرت خلال هذه الفترة.

الدروس المستفادة من الدول المختلفة

ويوضح التقرير أنه بغض النظر عن التحديات التي تواجه العديد من الدول لتطبيق حلول التعليم عن بعد، إلا أن هناك عدد من الدول التي لها تجارب سابقة مع تلك العملية التعليمية، ففي أرمينيا يفتقر 25% من عدد الطلاب البالغ عددهم 383 ألف طالب إلى وجود أجهزة كمبيوتر، لذا أطلقت الحكومة حملة تضامن عامة تهدف إلى توفير الأجهزة للأسر ذات الدخل المنخفض، كما تتفاوض كذلك مع شركات الاتصالات على توفير خدمات إنترنت لهم مجانًا.

وأوضحت السيدة زانا أندريسيان، نائبة وزير التعليم، أن الافتقار إلى المحتوى الإلكتروني الذي يتوافق مع المناهج المدرسية الوطنية، وكذلك الجاهزية التربوية يُمثلان تحديان قويان لعملية التعليم عن بعد، فقد أكد حوالي 47٪ من المعلمين أنهم لم يستخدموا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فصولهم من قبل.

وأضافت نائبة الوزير أن بلادها أنشأت منصة موحدة تُوفر مصادر التعلم عن بعد ودروس فيديو وقاعدة بيانات للمعلمين المشرفين، ودورات إلكترونية للمعلمين، وتقول إن بلادها تستغل تلك المرحلة باعتبارها فرصة جديدة للمضي قدمًا بخطوات إصلاح التعليم.

وبالمثل، توضح يائيل جينسلر، مساعد نائب وزير التريبة والتعليم في مقاطعة أونتاريو الكندية التي تحتوي على مليوني طالب، أنه تم تدريب 15 ألف معلم بواسطة الوزارة خلال أسبوعين لمعرفة كيفية تقديم الدروس عبر منصات التعليم عن بعد، وتُركز مواد الدورات الدراسية بشكل أساسي على مواد الرياضيات ومحو الأمية والعلوم، وذلك في إطار جدول زمني مُوصى به وعدد من الساعات مُحددة لكل مادة، في حين تُنشر الدورات التدريبية الإلكترونية والمصادر التعليمية متعددة اللغات على موقع مركزي مُتاح للجميع.

وأضاف التقرير أن البرازيل تُعاني من عدم مساواة شديد في توصيل خدمات الإنترنت، حيث ترتكز 70% من خدمات الإنترنت في خمس مناطق حضرية فقط.

ويقول الدكتور لاديسلاس دوبور، الأستاذ في الجامعة البابوية الكاثوليكية فى ساو باولو، إن 95% من السكان يتوافر لديهم تلفزيون، لذلك فهي على الأرجح الطريقة الأكثر مثالية لضمان استمرارية التعلم في المناطق منخفضة الدخل، ففي ولاية ساو باولو يخلق وزير التربية والتعليم نهجًا جديدًا للدفع نحو استمرارية العملية التعليمية يجمع خلاله بين البرامج التعليمية التلفزيونية العامة والموارد المطبوعة والرسائل النصية المجانية للهواتف المحمولة والتطبيقات المجانية.

وأضاف دوبور أن الجانب الإيجابي من ذلك النهج هو دفع الطلاب نحو تجربة التعلم بوسائل مُغايرة للعملية التعليمية في المدارس التقليدية، إضافة إلى بناء ثقافة أخرى في معرفة كيفية تكوين المعرفة من مصادر مستقلة ومشاركتها بشكل أكثر تعاونًا مع الأجيال التي تتعلم سويًا.

تقييم ممارسات التعلم عن بعد

وفي كوريا الجنوبية، يوضح التقرير أن الآباء قلقين من عملية التعليم أحادية الاتجاه وغياب المعرفة عما يُحصله الطلاب بالفعل من المعلومات، وهل حقًا يدرس الطلاب أم يقضون معظم وقتهم على أجهزة الكمبيوتر فقط، لذلك يرون ضرورة توفير تقييم إلزامي يتأكدون من خلاله من أن أبنائهم يتعلمون بالفعل أم لا.

ويقول مايك شاربلز، الباحث في تكنولوجيا التعليم بالجامعة المفتوحة في ميلتون كينز بالمملكة المتحدة، إن مقاطع الفيديو التعليمية بمفردها ليست وسيلة فعالة مثل التعليم التقليدي الذي يتوافر فيه التواصل المباشر ما بين المعلم والطالب، لكنه يؤكد كذلك أن توافر مزيج من طرق التدريس المختلفة يُساهم في تقديم الحصول على نتائج أفضل من العملية التعليمية، مثل تعزيز التعلم الفردي والتعلم التعاوني في ظل وضع أهداف مُحددة واضحة للطلاب والحصول على تعليقات منتظمة عن مستوى الطلاب من المعلمين.

التخطيط المتكامل لاستراتيجيات التعلم عن بعد

ويؤكد تاو زان مدير معهد اليونسكو لاستخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم على أهمية اتباع نهج متكامل لتخطيط استراتيجيات التعلم عن بعد، حيث يساهم هذا النهج في تضافر الجهود بين قنوات الإنترنت والتلفزيون والإذاعة لضمان الاستفادة القصوى من حلول التعليم عن بعد.